ماذا أفعل إن كان مستأجر لم يدفع الايجار أو دائمًا ما يتأخر في دفع الإيجار؟ سؤال يؤرق كل مالك عقار يستغله في تحسين دخله الشهري من خلال إيجاره واستثماره كأصل ثابت متنامي القيمة. والحقيقة تشير إلى أن استثمار عقارات للإيجار ليس بالأمر السهل، أو المنتهي عند توقيع عقود الإيجار وكفى، بل إن لهذا الاستثمار توابعه ومسئولياته اللاحقة المتنامية بتنامي قيمة العقار وبتنامي معدلات العائد على استثماره.
ولكن ماذا إن توقف المستأجر عن دفع ايجار الشقة أو العقار ولم يعد يجيبك هاتفيًا، فماذا تفعل؟ سؤال تجدون إجابته كاملةً في دليل إرشادي وخطوات واضحة يستعرضها لكم هذا المقال بدقة.
اعتبارات هامة عليك الالتزام بها قبل تأجير شقتك
لكيلا تقع في مشكلة عدم التزام المستأجر بدفع الإيجار والتي دائمًا ما يكثر الحديث فيها، إليك بعض الضوابط التي عليك الالتزام بها للحفاظ على حق الطرفين المستأجر والمالك:
اختيار المستأجر
كثيرون من ملاك العقارات يكون شغلهم الشاغل أولًا وأخيرًا هو تحديد سعر الإيجار المناسب للشقة أو للمنزل، ومن ثَم يرتبطون من خلال عقد ايجار بأول مستأجر يلوح لهم في الأفق راضيًا بهذا السعر دونما تفاوض ولا محاولات تخفيض، ويحدث أن تتابع المشكلات بين الطرفين لرعونة المستأجر بالمماطلة في السداد بالموعد المحدد والمتفق عليها ضمن نصوص التعاقد.
إذًا الحل المثالي لمشكلات مستأجر لم يدفع الايجار المتفق عليه يكمن في اختيار المستأجر صاحب السمعة الطيبة، والتمهل في قبول التعاقد لحين السؤال عنه قدر الإمكان؛ فسد الذرائع من البداية مُقدم لا شك عن جلب المنافع.
ضبط فترة السماح
من موجبات التعامل القانوني الصحيح مع مستأجر لم يدفع الايجار أو يدفع الإيجار متأخرًا هو ضبط عقد الإيجار وفترة السماح التي يُمهَل فيها المستأجر للدفع.
ومع أن القانون لا يُلزم ملاك العقارات بمنح هذه الفترة، إلا أن الكثيرين ممن يتخذون إجراءات قانونية يفاجؤون بتعثر استصدار قرار قضائي بحق المستأجر المتأخر في الدفع لميوعة وعدم تحديد موعد ثابت له. أو للنص على وجود فترة سماح بالعقود، وعليه يُشترط التصريح الواضح بوجود أو عدم وجود هذه الفترة لضمان عدم المماطلة أو التأخر في السداد.
فرض غرامات في حال مستأجر لم يدفع الايجار
ملاك العقارات المحترفون يشترطون النص في طريقة توثيق عقد ايجار مع المستأجرين على مبالغ أو رسوم إضافية حين التأخر عن السداد، وبعضهم يجعل هذه القيم متغيرة بتغير مدة التأخير، تزيد بزيادتها وتنخفض بانخفاضها.
وهذا بند تعاقدي محمود ويحفظ حق المالك في التعويض المالي والأدبي، فإن كان مستأجر لم يدفع الايجار في موعده يظل انتهاكًا صريحًا للعقد الموقع بين الطرفين وخرقًا لميثاق الشرف وتحايلًا على قوانين الدولة.
تخصيص سجلات للدفع
إذا لم تتحقق الخطوة السالفة الذكر، أو تحققت لبعض الوقت ثم تبدل الحال مع المستأجر وأصبح يتأخر او يتهرب من الدفع؛ فإن التعامل القانوني المباشر أصبح واجبًا وضمانة أكيدة لحل الأزمات.
غير أن النزاعات القضائية لا يُعترف فيها بالأقوال المرسلة، بل تعتمد في الفصل والتحري على الوثائق والمستندات. ولذا يتوجب على أصحاب العقارات تخصيص سجلات ورقية منضبطة تُدون فيها عمليات الدفع واستلام قيمة الإيجار أولًا بأول وشهر بشهر.
تلك السجلات تلعب دورًا محوريًا آخر، ألا وهو المرجعية الموثوقة للتأكد من أن وجود تأخير أصلًا في السداد أم أن الأمر عفو خاطر وتضارب ذكريات، لأن محاولات استدعاء مواعيد الدفع السابقة من الذاكرة ومطابقتها مع الموعد المقرر كل شهر لبيان الالتزام من عدمه عملية شاقة. على عكس سجلات الورق المنضبطة التواريخ مما يسهل الرجوع إليها في أي وقت.
تقييم الوضع بناءً على المعطيات
ما ذكر آنفًا كله يستهدف تسهيل عملية تقييم الأوضاع التعاقدية بين المالك والمستأجر؛ فمن اختيار المستأجر حسن السمعة إلى ضبط بنود و توثيق عقود الايجار ضبطًا لغويًا محكمًا إلى تدوين وتسجيل تواريخ الدفع بدقة وتدقيق، كلها عمليات تهدف إلى القدرة على تقييم الأوضاع والتثبت من مماطلة المستأجر كعادة شهرية أو كحالة طارئة لا تتكرر كثيرًا.
من هُنا الإجابة ماذا افعل إن كان مستأجر لم يدفع الايجار ؟ وفق معطيات واضحة تعد إجابة كافية للشروع في اتخاذ إجراءات صارمة حيال الأمر لتقليل الخسائر قدر الإمكان وكسب الوقت في تعويض الاستثمار جزءً مما يخسره بتراكم الشهور وتزايد حجم الدين على المستأجر.
التحدث مع المستأجر هاتفيًا
لعل التواصل مع المستأجر هاتفيًا أو بزيارته واحدة من المراحل الأساسية في التعامل القانوني بعد تقييم الأوضاع والتثبت من التأخير في دفع الإيجار؛ فلربما نجم هذا التأخير عن ظروف خارجة عن الإرادة الشخصية.
كأن تُعلق عملية الدفع البنكية ما بين الطرفين، حيث خرجت الأموال من رصيد حساب المستأجر ولكنها لم تصل إلى رصيد حساب المالك لخطأ تقني ما، أو لظروف وفاة أو مرض لأحد من عائلة المستأجر مما اضطره تأخير الدفع مرغمًا أو حتى نسيانه تاريخ الدفع في خضم هذه الأحداث إلى غير ذلك.
الاتصال المباشر هنا يوصل للمستأجر رسالة يحمل فحواها جدية وصرامة المالك في التصرف حيال التأخير، وفي نفس الوقت لباقته وحسن معشره واحترامه للعلاقة الشخصية بين الطرفين.
الإنهاء بالتراضي
الحديث مع مستأجر لم يدفع الايجار أو يدفع الإيجار متأخرًا يعزز من تكوين فكرة عامة عن ماهية وضعه المالي، حيث يُستشف من الكلام الصريح معه وقوعه في ضائقة مالية محدودة الأجل والتأثير. أو أنها ضائقة عويصة محكمة سيطول مداها إلى ما شاء الله، وأن المستأجر بات مفلسًا حقًا ولن يقدر على الالتزام بالسداد لا الآن ولا مستقبلًا.
عند هذه النقطة يتوجب على ملاك العقارات العمل على إنهاء العلاقة التعاقدية بين الطرفين حالًا وفورًا بالتراضي أولًا، حتى بالاضطرار إلى عدم تطبيق غرامات التأخير المنصوص عليها بالعقد.
وحتى بتأجيل سداد المتأخر من الإيجارات إلى أجل جديد يُتفق عليه وتؤخذ في سبيله الضمانات اللازمة، ذلك لأن وضعية المستأجر المفلسة تثبت أن بقاءه بالوحدة العقارية سيجلب المزيد من الخسائر ويُقلل العوائد السنوية المستهدفة من استثمارها، ومن ثَم كلما خرج مبكرًا كلما كانت فرصة أوفر للحد من تلك الخسائر.
إشعار التذكير ثم إشعار الطرد حال ظل مستأجر لم يدفع الايجار
إن رفض المستأجر الحلول الرضائية؛ فإن الخطوة الأساسية على المسار القانوني عقب إثبات التأخر في دفع سعر الإيجار للشقة أو المنزل هي إرسال إشعار تذكير مكتوب بخط اليد أو عبر رسالة بريد إلكترونية تُعيد على المستأجر بنود التعاقد المالية، وتذكره بأنه ينتهك هذه البنود صراحةً، وأن هذا الإشعار بداية الطريق القانوني ما لم يلتزم بالدفع ويعود إلى صوابه بعدم انتهاك العقد.
ولا يُنسى في هذا الإشعار التأكيد على كل ما يخص السياسات النقدية المتفق عليها من حيث القيمة الأساسية للإيجار وقيم غرامات التأخير ومواعيد الدفع.
ما لم يستجيب المستأجر لهذا الإخطار، أو ما إن تعامل معه بإهمال ولامبالاة وجب إرسال إشعار آخر بنفس الطريقة، ولكن هذه المرة ليس للتذكير، ولكن للإعلام المباشر بالدفع أو ترك العقار.
ومن الضروري في هذا الإخطار تحديد المدة الزمنية المتروكة له لتصحيح الأوضاع أو لترك العقار في نهايتها، كأن يُعلم بأنه في غضون أسبوعين من تاريخ استلام هذا الإشعار عليه دفع الإيجارات المتأخرة كاملة، أو ترك العين نهائيًا، وإلا سيُشرع في إجراءات الطرد القانونية والحجز على الممتلكات المنزلية الخاصة به على سبيل التعويض وفي مقابل المتأخر من الإيجارات التي لم تُدفع.
اللجوء إلى القضاء
هذه هي المرحلة الأخيرة عقب فشل جميع المراحل السابقة، في التعامل مع مستأجر لم يدفع الايجار وهي اللجوء إلى القضاء البحريني ورفع دعوى طرد من الوحدة المؤجرة، حيث يتوجه المالك إلى مقر المحكمة التابع لها عنوان الوحدة السكنية المؤجرة، والبدء في دفع رسوم المحكمة واستيفاء الأوراق والبيانات المطلوبة لتحديد جلسة استماع، مع ضرورة التأكد من إثبات كل سجلات الدفع وإشعارات الإنذار والطرد كمستندات في القضية.